إلى متى يا نفسي هذا التمادي وأنت تعلمين المصير والمآل؟! ما هذا الكسل وهذا الجبن؟ ما هذا الفتور الذي تعيشينه؟ إنه لا يخفى عليك الأجر العظيم للطائفين الذاكرين الساجدين الصائمين المنفقين المستغفرين بالأسحار، ومع ذلك كله سيطر عليك الشيطان وقيد همتك.
والأعظم من ذلك أنك يا نفسي تخشين الموت ولا يفارقك أبداً، تفكرين به ليل نهار قائمة قاعدة في أسعد الأوقات وفي أمرها تتمنين أنك لم تخلقي. تتساءلين دائما متى سيهجم عليك هادم اللذات وكيف وأنت وعلى أي حال وعلى أي عمل؟ ومع ذلك كله تفرطين .
ترجين أنك في ركب الصالحين ولست منهم تتلذذين في مناجاة الله في الأحلام فقط. تضعين لك برنامجاً للصعود إلى الكرام البررة في الأحلام فقط أيضاً، وتسعدين بهذه الأحلام وأنت جالسة راكنة إلى هواك، قيدك الشيطان بذنوبك.
تشعرين بالذنب عند اقترافه ويحز فيك ولا تزالين تفكرين فيه وتستغفرين منه، ومع ذلك تتجرئين مرة أخرى على نفس الذنب ونفس المعصية، وتعلمين علم اليقين أن ذلك مسجل في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وتعلمين كذلك أنه لا طاقة لك على حر نار الله الموقدة.
ربما قد غرتك رحمة الله الواسعة فلا تتصورين أنك ستقذفين في تلك النار، ألم تعلمي يا نفسي أن الله ذو مغفرة واسعة وذو عذاب شديد؟
إحذري يا نفسي من أن تضيعك مصيبة الموت أو تصيبك مصيبة عظيمة ومن بعدها تفيقين من سباتك وتخرجين من كسلك.
فأرجعي ارجعي إلى بارئك، ارجعي إلى رياض ربك، ارجعي إلى رب غفور ودود حليم يحب الطائعين ويرزقهم أمنا وطمأنينة وسعادة وانشراح صدر.
هلمي هلمي قبل فوات الأوان، هلمي هلمي يا نفسي إني لكِ ناصح وإني عليكِ خائف وجل.
فاللهم اصلح لي نفسي، وأهدها إلى طريقك ورشدك.اللهم ردني إليك رداً جميلا وتب علي واغفر لي تفريطي وزللي وإسرافي في أمري إنك جواد كريم.